المشايخُ المشاركونَ في المشروع
نخبةٌ من كبارِ العُلمَاءِ المُقرئِينَ المحقِّقين المسنِدينَ من عِدَّةِ أمصَار، وهم الفُضلاءُ الأماجدُ:
- الشَّيخُ محمدُ بنُ عبد الحميدِ بن عبدِ الله المصري السَّكندَرِيُّ رحمه الله
- الشَّيخُ عبدُ الحكيمِ بنُ عبدِ اللطيفِ بنِ عبدِ الله المِصريُّ رحمه الله
- الشَّيخُ كرَيِّمْ بنُ سعيد راجِح الدِّمشقيُّ
- الشَّيخُ إبراهيمُ بنُ فاضِل المشهدانيُّ المُوصليُّ
- الشَّيخُ إبراهِيمُ الأخضَرُ بنُ عليّ القَيِّمِ المدنيُّ
- الشَّيخُ محمدُ بنُ الشَّريفِ السَّحابيُّ المغربيُّ
- الشَّيخُ مصطَفَى بنُ أحمدَ البِحْياوي المغربيُّ
- الشَّيخُ مُنِيرُ بنُ محمدٍ المظفَّر التُّونسيُّ
- الشَّيخُ الدكتور/ أحمدُ بنُ عيسى الْمعصَرَاوِيُّ المصري
- الشَّيخُ الدكتور/ أيمَنُ رُشْدِي سُوَيْد الدمشقيُّ
- الشَّيخُ الدكتور/ عبدُ الستَّار بن فاضل النُّعَيْميُّ المُوصليُّ
ترجمة فَضِيلَةِ الشيخِ المُقْرِئِ / محمَّدِ بنِ عَبدِ الْحَميدِ بنِ عبدِ اللهِ خَليل
- رحمه الله - (مصر)

هو فضيلةُ الشيخِ المقرئِ محمَّدِ بنِ عبدِ الحميدِ بنِ عبدِ الله خليل – رحمه الله - ، شيخُ مقرأةِ جامعِ أبي العباس المُرسي ، وشيخُ قراءِ الإسكندريةِ السابقُ ، والذي تفرَّد بعلوِّ سندِ القراءاتِ العشرِ الكُبرى بها ، وبموتِه نزلَ إسنادُ أهلِ الإسكندرية درجة .
وُلِد يومَ الأربعاءِ : 22 شوال سنة 1344 هـ ، الموافق : 05 مايو 1926 م بقرية النِّقَيْدي - مركز كَوْمِ حمادة – بمحافظةِ البُحَيرة بمصرَ المحروسة .
تُوِفِّيتْ والدتُه وهو رضيعٌ ، وكُفَّ بصرُه وهو ابنُ سنتين ، وربَّاه والدُه وعمُّه ، وأدخلاه الكُتَّابَ ، فأكرمه اللهُ - عز وجل - بحفظِ القرآنِ الكريم ، وأتمّه وهو ابنُ عشرِ سنين ، وبعدها ببضعِ سنين انتقل إلى الإسكندرية ، وبها تقدّم للاختبارِ للعملِ بالأوقاف ، فطلبت منه اللجنةُ تعلُّمَ التجويدِ وإتقانَه، فجوَّد القرآنَ على روايةِ حفص ، ثم قرأ لبقيةِ السبعةِ من (الشاطبية) ، وأردفهُم بالقراءاتِ الثلاثِ من (الدُّرة) على الشيخةِ نفيسةَ بنتِ أبِي العِلا ضيف السكندريةِ ، ثم عرضَ القراءاتِ العشرَ الكبرى على العلَّامةِ محمدِ بنِ عبدِ الرحمنِ الخليجيِّ السكندريِّ ، كلُّ ذلك في ختماتٍ عديدةٍ إفرادًا وجمعًا لبعض القراءاتِ ثم جمعًا للكلِّ ، مع حفظ متون الفنِّ .
عَمِل مؤذنًا بمسجدِ رمضان يوسف بالإبراهيمية ، ثم عُيِّن عضوًا بمقرأةِ جامعِ سيدي جابر ثم شيخًا لها ، ثم شيخًا لمقرأة جامعِ القائد إبراهيم ، ثم شيخًا لمقرأة جامع سيدي أبي العباس المرسي خلفًا لشيخِه ، كما اعتُمِد قارئًا في الإذاعة المصرية العريقة .
ولم يكتفِ بالقراءة على مشايخِه ، بل التحَقَ بمعهدِ القراءاتِ بالإسكندرية وتخرج منه بعد إتمامِه مرحلتَه العالية.
علَّم القرآنَ والقراءاتِ بالأسكندريَّةِ زمنًا طويلًا ، ثم رحلَ إلى المملكة العربية السعودية ، وأقام فيها بضعَ سنين للإقراء ، وانتفعَ به خلقٌ لايُحصَونَ من مُختَلَفِ دُوَلِ العالم ، كما زار عددًا من الدول كالكويت وقطر واليمن وغيرها ، التي أُقِيمتْ فيها حفلاتُ تكريمٍ له ، كما كُرِّم في مصر مِرارا ، وعند الله الجزاء الأوفى .
وقد عُرف المترجَمُ – رحِمه اللهُ - بالصبر والجَلَد واستفراغِ الوُسعِ في الإقراء ، مع ولعٍ بالعلم ، وإتقانٍ واستحضارٍ تامٍ للمتون، وظلَّ كذلكَ إلى أواخرِ أيامِه ،وأثنى عليه أئمة ُوعلماءُ القراءاتِ ثناءً عاطرًا .
ولم يتركِ الشيخُ مؤلفاتٍ ، ولكن ترك تسجيلاتٍ في الإذاعة بصوته ، كما سجل القرآن كاملا بروايةِ قالونَ بجُدَّة ضِمنِ مشروعٍ لتسجيلِ القراءاتِ العشر الكبرى ، ولكن لم يتيسر إكمالُه لرجوع الشيخ إلى مصر ، لأسبابٍ صحية .
أما تلامذتُه من جميع الأقطارِ فيخطئُهم العدُّ كثرةً .
وفاتُه
ظل الشيخُ يُقْرِئُ بدارِه العامرةِ بثَغرِ الإسكندرية ما يُنَيِّفُ على نصفِ قرنٍ من الزمانِ إلَى أن مَرِض ووافته المنيةُ، وفاضت رُوحُه إلى باريها قبيل عشاءِ السبت : غرة ذي الحجة سنة 1434 هـ ، الموافق : 05/أكتوبر/2013 م ، وصُلِّيَ عليه في اليوم التالي بمسجد الصحابة بحي الشاطبي ، ودُفن بمقابر المنارة ، وكانت جنازتُه مشهودةً رحِمه اللهُ ، وشفَّعَ فيه القرآنَ ، وأسكنَه االفردوسَ الأَعلَى .
ترجمة فضيلةِ الشيخِ المُقرئِ / عبدِ الحكيم بنِ عبد اللطيفِ بنِ عبدِ الله بنِ سُليمان
- رحمه الله - (مصر)

هو فضيلةُ الشيخِ المقرئِ عبدِ الحكيم بنِ عبدِ اللطيفِ بنِ عبدِ الله بنِ سُليمان – رحِمه الله - ، شيخُ مقرأةِ الجامعِ الأزهر ، وشيخُ عمومِ المقارئ المصرية .
وُلِد بالقاهرة _منطقةِ الدمرداش يومَ 17 / 09 / 1936 م ، الموافق تقريبا لغرةِ رجب سنةَ 1355 هـ ، وأصولُ عائلتِه من بلدة طُوَيْر - محافظة قِنا- بصعيد مصر .
بعث به والداه إلى كُتَّاب المسجدِ المحمدي وعمرُه أربعُ سنواتٍ أو خمسٍ ، فصحَّحَ القرآنَ على شيخِه كِتَابةً في الألواح ، وختمَه حفظًا وتجويدًا على الشيخ إمام عبده حلاوة وهو ابنُ ثلاثةَ عشرَ عامًا ، وقرأ ختمات على الشيخ علي مصطفى عرفة .
التحق بعدها بالمعهدِ الديني الابتدائيِّ ، إلَّا أن والِدَه أصرَّ أن ينتقلَ إلى معهدِ القراءاتِ بالأزهرِ ، في نحوِ سنةِ 1950 م ، فاجتازَ مراحلَه الثلاثةَ ، فتلقى به القراءاتِ على أَعلامِ ذلك الزمانِ، ودرس كذلك التجويدَ والرسمَ والعدّ والتفسيرَ والنحوَ والصرفَ والفقهَ وغيرَها ، وصار حنبليًا تأثرُاً بشيخه محمود بِسَّة ، وملأ اللهُ قلبَه بحبِّ القراءاتِ فقرأها إفرادًا أو جمعًا على عددٍ من كبارِ المشايخ خارجَ المعهدِ وداخِلَه ، فأخذ الشاطبية والدرة على الشيخ محمد مصطفى الملواني ، كما قرأ بحفص ثم بالعشر الصغرى إلى سورة القصص على الشيخ مصطفى منصور البَاجوري وأجازه ، وبعدها تلقى العشر الكبرى على الشيخ أحمد عبد العزيز الزيات وإبراهيم شحاتة السمنودي ، وأُجِيز بذلك أيضاً .
وواصلَ دراستَه النظاميةَ حتَّى حصَلَ على ليسانسِ الدراساتِ الإسلاميةِ والعربيةِ من جامِعةِ الأزهَر .
وقد عمِل – رحمه اللهُ - أولاً في التعليم الابتدائي الأزهريّ في الإسكندرية ، ثم القاهرة ، ودرَّس بعد ذلك في المعهدِ الإعداديّ والثانويّ بالفيوم ، ثم انتقلَ إلى معهدِ القراءاتِ بالقاهرة مدةً ، انتقل بعدَها إلى تفتيشِ المعاهدِ الأزهريةِ بالإدارةِ العامَّة ، إلى أن أُحِيلَ على المعاش سنة 1997م . وقد عُيِّن – رحمَةُ اللهِ عليْه- شيخًا لعدةِ مقارئَ : آخرُها مقرأةُ الجامعِ الأزهر ، ولم يزلْ شيخًا لها إلى أن توفَّاه الله ، كما عمل وكيلاً للجنةِ تصحيحِ المصاحف بالأزهر مدةً طويلة .
كما اختِيرَ الشيخُ عضوًا بلجنةِ المسابقاتِ السنوية بالإذاعةِ والتلفزيون وإذاعةِ القرآنِ الكريم ، ثم تولَّى أخيًرا مشيخةَ المقارئ المصرية بعد تلميذِه الشيخ د.أحمد المعصراوي ، وكانت قد عُرِضت عليه من قبل فتنازل عنها له ، ثم شاء الله أن تؤول إليه .
رحل إلى عددٍ من الأقطارِ، وزار دُولًا عديدةً إمامًا في شهرِ رمضان، ومعلِّمًا ، وحكَمًا في المسابقاتِ ، أو مشاركًا في لجانِ مراجعة المصاحف ، وكان ذلك بترشيح واختيار من شيخ الأزهر.
قرأ عليه ، وانتَفَع به في معهدِ القراءات وخارجِه خلقٌ كثيرٌ ، من مصرَ ، ومن شتَّى البُلدانِ الإسلاميةِ.
من مؤلفاتِه وأعمالِه العلمية :
• إكمالُ كتابِ الكوكبِ الدُّرِّي الذي لم يكملْه الشيخُ محمدُ الصادق قمحاوي.
• شرح ُمنظومة قراءة الكسائي للشيخ الضباع ، سمّاها : حديقةَ الرائِي ، وهذا الشرحُ مفققودٌ .
كما سجل ختماتٍ لحفص وغيره أُذِيع بعضُها على بعض الفضائيات .
وكانت له – رحمةُ اللهِ عليه - في إذاعةِ القرآن الكريم بمصرَ عدةُ برنامج نافعة في التجويد والقراءات.
وفى يومِ "الجمعة السابعِ من ذي الحجة سنة 1437 هـ ، الموافق لـ : 9 سبتمبر/ 2016 م رحل الشيخُ عن الحياة الدنيا عن عمرٍ جاوزَ الثمانين عاما ، جُلُّها مع القرآن وأهلِه تعلُّمًا وتعليمًا ، وقراءةً وإقراءً ، وصُلِّي عليه يومَ الثامن من ذي الحجة بالجامع الأزهر الشريف ، وكانت جنازتُه مشهودةً ، ثم دُفِنَ في مقبرة (الغفير) غفر الله له ورحمه رحمةً واسعة ، ورفعَ درجتَه في عِلِّيين .
ترجمةُ فضيلةِ الشيخِ المقرئِ / كُرَيِّمِ بنِ سعيد راجح (سوريا)

هو فضيلةُ الشيخِ المقرئِ محمَّد كُرَيِّم بنِ سعيدِ بن كُرَيِّم راجح – حفظه الله - ، شيخُ قراءِ الشام ، المفسرُ الفقيهُ اللغويّ الأديبُ الخطيبُ اللامعُ المفوَّهُ .
وُلِد في حي الميدان بدمشق الشام سنة 1344هـ الموافق لـ : 1926 م .
كانت والدتُه ديِّنةً فاضلَةً ، تعلِّمُ القرآنَ للصغارِ في بيتِها ، فبدأ تعليمَه صغيراً عندها . ولمَّا أُنشِئت المدارسُ النظاميةُ ألحقتْه بها ليتعلمَ القرآنَ والكتابةَ والإملاءَ والأعمالَ الأربعةَ في الحِساب ، ونَصَحَتْه أن يتلقّى القرآنَ والعلمَ على المشايخ ، فوقعت هذه الكلمةُ من أذنِه موقعَها ، فحفِظ القرآنَ الكريم في سنةٍ واحدة على الشيخ حسين خطاب ، وعَمِل في مطبعةٍ فجعلَ يردِّدُ محفوظَه وهو في طريقِ ذهابِه وإيابِه . ثمَّ توجَّهَ لطلبِ العلومِ الشرعيةِ والعربية ، فحفِظَ نظمَ الغايةِ والتقريبِ من الفقهِ الشافعيِّ، وألفيةَ ابنِ مالكٍ في النحو والصرف ، وعددًا من عيونِ أشعارِ العربِ . ولم يكتفِ بذلك بل بدأ تعلُّمَ القراءاتِ على يدِ شيخِ القراء آنذاك محمد سليم الحُلواني فحفظ عليه الشاطبية ، ثم توفي الشيخ فأكمل على ولده أحمد القراءات العشر من الشاطبيةِ والدرةِ ، وأتم جمْعَ القراءات العشر الصغرى في مدة وجيزة ، كما تلقى في نفسِ المدةِ تقريبا العشرَ الكبرى أيضًا على الشيخ عبد القادر قُوِيدر العربيلي ، كما قرأ ختمةً أخرى بعد ذلك بالعشر الصغرى على الشيخ محمود فايز الدَّيرعَطانيّ .
وخلال هذه المدةِ كان قد حصَل على الشهادةِ الثانويةِ التي أهّلَتْه لدخولِ كليةِ الشريعة التي حصل منها على الإجازةِ الشرعية . ثم درس دبلومَ التربيةِ . ثم عُيِّن بعد ذلك مدرِّسًا في وزارة الأوقاف ، فدرَّس في كثيرٍ من المساجد ، كما درَّس في عددٍ من المدارسِ والمعاهدِ الشرعيةِ القرآنَ وعلومَه والتفسيرَ والفرائضَ وعلومَ العربيةِ زمنًا طويلا ، وعمِلَ أيضا مدرسًا في دائرةِ الفتوى في مساجدِ دمشق ، كما عُيِّن مفتيًا في حُوران ، وكان وما زال خطيبًا مفوَّهًا ، واشتُهِر بخُطَبهِ التي تهُزُّ القلوب ، ويستهويه الشِّعرُ، بل لهُ نظمٌ رائقٌ ، وقلمٌ سيَّال .
وقد آلت إليه مشيخةُ مقارئِ الشام ، حيث بُويِعَ شيخًا لقُرَّائِها بعد وفاةِ شيخِها الشيخِ حسين خطاب - رحمه الله - سنة 1408 هـ .
من مؤلفاته :
• قبسٌ من القرآنِ الكريم .
• مختصرُ تفسير القرطبي.
وقد استقرّ المقامُ بالشيخِ – حفِظهُ اللهُ – في السنواتِ الأخيرة بالدوحةِ بدولةِ قطر ، ولا يزال طلابُ القراءات يفِدُون إليه وينهلُون من علمِه ، نفعَ اللهُ بعلومِه أينما حل.
ترجمةُ فضيلةِ الشيخِ المقرئِ / إبراهيمَ بنِ فاضلٍ المَشْهَداني (العراق)

هو فضيلةُ الشيخِ المقرئِ إبراهيمَ بنِ فاضلِ بنِ محمَّدٍ المشهدانيّ (نسبة الى عشائر المشاهدة العراقية العريقة الأصيلة) – حفظه الله ورعاه - ، موئلُ قراءِ العراق وقدوتهم ، وأحدُ أكابر المقرئين ببلاد الرافدَينِ ، الخطيبُ المفوَّه ، الشاعرُ المُلهم المُسدد ، صاحبُ الهِمَّة العالية والمآثر الحميدة ، طلقُ المُحَيَّا ، إمام جامع يحيى عمر الطالب بالموصل .
وُلِد بمدينة الموصل الحدباء عام 1943 م الموافق : 1362 هـ تقريبا .
نشأ في بيتِ علمٍ وتقوى وورع ، ، حبَّب الله إلى الشيخ طلبَ العلم ، ووهبه هِمَّة لا تعرف الكللَ ولا الملل ، فقد كان يتنقل بين القرى والأرياف المجاورة لطلب العلم من أفواه الشيوخ ، وللجلوس بين أيديهم والاستفادة من علومهم ، وهذا دأبُه في المجالس وحلقاتِ العلم إلى اليوم ؛ ومن مناقبِه أنه لا يستنكفُ أن يجلس في حلقة أحدِ طلابه ، يلتمسُ الفائدةَ أينما وُجدت .
درَس في مدرسة الحدباء ، ثم التحق بمعهد إعداد المعلمين ، فتخرج منه سنة 1965 م ، ونال درجة الدبلوم.
ثم درَّس في مدارس مختلفة تابعة لوزارة التربية والتعليم داخل الموصل وخارجها أكثر من خمس وعشرين سنة إلى أن أُحِيل إلى التقاعد وتفرَّغ لتدريس القراءات .
وأما رحلتُه مع القرآن بدأت بتعلم التهجي وأخذ التجويد مشافهةً بمسجد المشاهدة على ملا هندي ، وقرأ ختمة كاملة أو أكثر برواية حفص عن عاصم الكوفيّ ، وقد تأثّر بشيوخه الأوائل علمياً وأدبياً وثقافيّاً .
ثم سمع بالشيخ الإمام محمد صالح الجَوَادِي ، فذهب إليه وشرع في قراءة ختمة برواية حفص مرة أخرى عليه ، فوصلَ لسورة يوسف ثم رغب في جمعِ القراءات ، وحصل المرادُ فبدأ بإفرادِ القراءاتِ السبع ودراسةِ القواعد المقررة (البقرية) على الشيخ ؛ إذ هو المتنُ المقررُ بالعراق ، وشرع في الجمع الصغير (لأهل سَمَا : نافع وابن كثير وأبي عمرو) على طريقة العراقيين( )، إلى أن وصل إلى قوله تعالى (فتلقى ءادم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم) فتُوفِّي شيخُه الجوادي - رحمه الله - ، فاستأنف تسبيعَ المصحف وجمعَ القراءات السبع على الشيخ عبد الفتّاح محمد شيت الجومرد تلميذ شيخه - واعتمادهم في جمع السبعة على غيث النفع (للصفاقسي) - وأجازه سنة 1396 هـ ، ولقَّبه يومئذ بـ : (موئل القراء) تشريفا له .
بعدها أراد أخذَ القراءات الثلاث لإتمام العشرة ، فيسر الله له وأكمل القراءات العشر الصّغرى بأخذه القراءات الثلاث المتمِّمة لها على تلميذه الشيخ شيرزاد عبد الرحمن طاهر ، وذلك في رحلته إلى الإمارات عام 1424هـ ، ثم عاد إلى الموصل .
ثم رَغِب في ضم العشر الكبرى إلى الصغرى فصادف أن حلَّ بالموصل لظروف أمنية في بغداد تلميذُه الشيخ محمد بن حسين بن عبد الطائيّ البغداديّ ، فاستضافه في بيته ، وأخذ عنه الطيبة( ) ، وكان الختم سنة 1427 هـ .
أما عن بقية العلوم الشرعية فقد لازم المُترجَمُ له جماعةً من شيوخ الموصل ، وأفاد منهم وأخذ عنهم كثيرا من العلوم كالفقه والأصول ، والنحو والصرف والعربية ، والشعر والعروض وغيرها من الفنون كأنواع الخطّ والزخرفة .
كما رحل إلى عدد من الأقطار كالكويت وسوريّا والأردنّ والسعوديَّة وتركيا وغيرها ، والتقى بكثير من علمائها وأفاد منهم ، ودرَّس الخطّ الكوفيّ في المسجد الحرام في إحدى رحلاته .
كذا حكّم في مسابقات علميّة مختلفة في القرآن الكريم وغيره ، داخل العراق وخارجه .
من مؤلفاته وأعماله ومناشطه العلمية :
• نظم (متن البقريّة) .
• نظم القراءات الثَّلاث المتمِّمة للقراءات العشر (عمدته إضاءة الضباع) .
• نظم الـمكيّ والمدنيّ من سور القرآن الكريم .
• نظم عدد آيات سور القرآن الكريم ، وترتيبها .
• وله داليَّة رائعة في الآداب الإسلامية .
لازم الشيخ تدريس القراءات والعلوم الإسلاميّة الشرعية المختلفة وعلوم العربية وغيرها ؛ فوفد إليه طلبةُ العلم من الموصل ، وقصده وأخذ عنه جماعاتٌ من سائر أنحاء العراق ومن خارجها ، ولا يزال يستقبل مريدي العلم وهو منشرح الصدر قرير العين سعيدا مُرحبا بهم بالابتسامة الحانية التي لا تكاد تفارق شفتَيهِ ؛ فيدرِّسهم بمنهجه التعليمي الفريد وأسلوبه وطرحه البديع سهل المأخذ ، قارناً بين التعليم والتوجيه والوصية والتشجيع والمتابعة ، لا يبتغي بذلك مالاً أو شهرةً .
زاده الله من فضله ، وشرَّفه بخدمة القرآن وأهله ، وكتب أجره ، ورفع قدره ، وأعلى في الخافقَينِ ذكره ، ومتع ببقائه ونفع بعلومه .. آمين .
ترجمةُ فضيلةِ الشيخِ المُقرئِ / إبراهيمَ الأخضرِ بنِ عليٍّ القَيِّم (السعودية)

هو فضيلةُ الشيخِ المقرئِ إبراهيمَ الأخضرِ بنِ عليٍّ القيم – حفظه الله - ، شيخُ قراءِ المسجدِ النبويّ الشريفِ ، وأحدُ أئمةِ الحرمَينِ الشريفَينِ سابقًا ، وصاحبُ مدرسةِ متميِّزةٍ في الترتيلِ والأداء ، واختيارٍ في الوقفِ والابتداء .
وُلِد في المدينةِ المنورة- على ساكنِها أفضلُ الصلاةِ والسلامِ - في السابعِ من شهرِ ذي الحِّجةِ عام 1364هـ في محلة كانت تسمّى بالساحة ، دخلَتْ المسجدَ النبويّ الشريفَ في التوسعةِ الأخيرة .
نشأ الشيخُ – حفظه اللهُ - بالمدينةِ النبويَّةِ ، وتلقَّى تعليمَه في مدارسِها ، فدرَسَ في دارِ الحديثِ ، ثم في مدرسةِ النجاحِ ، وبعد مدةٍ التحقَ بالمعهدِ العِلميِّ ، ثم بالمدرسةِ الصناعيةِ الثانويةِ ، كما ابتُعِث إلى مصرَ لإكمالِ دراستِه ، ثم إلى إيطاليا.
وخلالَ مدَّةِ دراستِه حفِظ القرآنَ الكريمَ على الشيخ عمر الحيدري ، ثم جوَّدَهُ وأتقنَه وعرضَه على شيخ قراء المسجد النبوي الشيخ المعمَّر حسن الشاعر ، وسمَتْ همتُه لقراءةِ القراءاتِ السبعِ من الشاطبية فأخذها عن الشاعر أيضا ، ثم تلقى القراءاتِ الثلاثَ من الدُّرةِ وغيرها مدة ملازمته للشيخ عبد الفتاح القاضي وقرأ عليه شروحه وكثيراً من مؤلفاته فتمَّتْ له العشرُ الصغرى ، كما تلقَّى روايةَ حفصٍ من طريقِ الطيبة على الشيخ أحمد الزيات ، استفاد من الشيخ عامر عثمان عرض عليه كثيرا من القرآن ، وقرأ كتبَ التجويد والقراءات على عددٍ من الأَعلامِ ، ولم تقتصِرْ عنايتُه على القرآنِ وعلومِه ، بل درسَ العقيدةَ والحديثَ والفِقهَ واللغةَ وغيرَها من علومِ الشريعة ، واستفاد من مشاهيرِ عُلماءِ عصرِه .
ومارسَ – حفظه اللهُ – التدريسَ في عددٍ من المدارسِ في الرياضِ، ثم في المدينة المنورة ، وبعدها عُيِّن مدرسًا في كليةِ القرآنِ الكريم ، وبكليةِ الدعوةِ بالجامعةِ الإسلاميةِ بالمدينة المنورة . وعُيِّنَ كذلكَ عضوًا في مجلسِ إدارةِ جمعيةِ تحفيظِ القرآنِ بِها . ثم آثر – حفظه اللهُ - التفرُّغ للإقراء ، فاستقالَ من عملِه الرسمِيّ.
وفي عام 1401 هـ عُيِّن إماماً بالمسجد الحرام ، ثم شارك بالإمامةِ في المسجد النبوي الشريف من عام 1406هـ إلى 1415 ، ، وفي العام نفسِه – 1406 - خلَفَ شيخَه حسنَ الشَّاعرَ في مشيخةِ القراءِ بالمسجدِ النبوي الشرِيف .
من مؤلفاتِه وأعماله ومناشطه العلمية :
• مهارات مُحَكِّمي القرآن الكريم وقارئيه ومقرئيه .
• رسالةٌ في التكبيرِ عند الخَتم .
كما سجَّل ختمتَينِ كاملتَينِ بمجمع الملك فهد لطباعةِ المصحفِ الشريفِ بروايتَي حفصٍ ، وورشٍ .
وكان له تجربةٌ رائدةٌ في مشروعٍ مميَّزٍ لتخريجِ نساءٍ حافظاتٍ مجوِّداتٍ من القسمِ النسويِّ بجمعيةِ تحفيظِ القرآنِ بالمدينةِ المُنوَّرةِ ، فأُنشِئتْ حلقةٌ لهنَّ عمَّ النفع بها وأقبل عددٌ كبيرٌ عليها وتخرج بها جماعاتٌ على مدارِ أكثرَ من خمسٍ وعشرين سنة .
والشيخُ – حفظه اللهُ - عضوٌ في عددٍ من اللجانِ والجمعياتِ ، منها : جمعيةُ تحفيظِ القرآنِ - عضوُ لجنةِ تحكيمِ المسابقةِ المحليةِ والدولية القرآن الكريم بالسعوديةِ.
ولا يزال مجلسُ إقراءِ الشيخِ وبيتُه قبلةً لطلاب إتقانِ الأداءِ ، والوقفِ والابتداءِ ، وقد تتلمذ عليه في القرآن والقراءات جماعاتٌ من المقرِئين والمقرِئاتِ داخل المملكة وخارجها .
نفع الله بجهودِ الشيخ ، ومتَّع ببقائِه ، وزاده شرفاً بخدمة القرآن وأهله .
ترجمةُ فضيلةِ الشيخِ المُقرئِ / محمَّدِ بنِ الشريف السَّحابي (المغرب)

هو فضيلةُ الشيخِ المقرئِ محمَّدِ بنِ الشريف السَّحابي العبيدي الزعري (نسبة الى قبيلة بني عبيد زعير) – حفظه الله ورعاه - ، العالمُ الرباني ، الحافظُ الفقيهُ الداعيةُ المحققُ ، أحدُ شيوخِ الإقراءِ الكبارِ الذين اصطفاهم اللهُ وحفظ بهم تواترَ الطرقِ العشرِ النافعيةِ ببلاد المغرب ، شيخُ مدرسة ابن القاضي للقراءات التابعة لجمعية الإمام أبي شعيب الدُكَّالي لتحفيظِ القرآن الكريم وتدريسِ علومه بمدينة سَلا المغربية .
وُلِد بقرية عين الريبعة ضواحي مدينة الرباط عام 1369 هـ ، الموافق لـ : 1949 م .
نشأَ وترعرعَ بقريته ، ودخل الكُتَّابَ القرآنيّ في سن مبكرة ، وتعلمَ الهجاءَ والكتابةَ على يد الفقيه محمد سنجاي ، وحفظ عليه بعضَ القرآن ، ثم أتم حفظَه حفظًا تامًا على الفقيه محمد الغماري والفقيه محمد التسولي والفقيه علي الشيظمي ، وأُقِيمَ له ما يُسمّى عند المغاربة بـ ” لفْصَال“ أي :عرس القرءان ، على عادتهم في الاحتفاء بكل من يحفظ القرءان الكريم ، ولما يتجاوز عمرُه آنذاك الثالثةَ عشرَ ربيعاً .
عزم على الرحلة في طلب العلم متوجهًا إلى شمال المغرب ، للأخذ عن علمائه ، فأعاد به ختمة أخرى برواية ورش ، ثم حفظ باللوح الأصولَ من المتون في شتّى العلوم التي يتعيَّن على الطالب حفظُها بعد القرءان ، إذ تُعْتَبَرُ مدخلًا لكثير من الفنون ، ومَكَثَ هناك ما بين سنتي 1963-1965 م ، ثم عاد بعدها إلى قبيلته فأُسنِد إليه تحفيظُ أبنائها القرءان وهو دون العشرين من عمره .
سمع مرةً أحدَ الحفاظ يقرأ ببعض الروايات ، ولم يكن الشيخُ تعلمَها بعدُ ؛ مما أثار انتباهه وحفَّزه ، وأخذ على نفسه أن يحفظ القراءات ؛ فعكف على حفظها مع الشاطبية ، ولم يمنعْه إقبالُه عليها من استمراره في تدريسِ أبناءِ القبيلة ، فوفقه الله للجمع بين الأخذ والعطاء في آن واحد .
قرأ بعض القراءات على الشيخ محمد بن عباس ، وأخذ السبع عن الفقيه عابد السوسي والشيخين محمد فنان السرغيني وأحمد السالك الدكالي ؛ ثم رحل إلى مدرسة سيدي الزوين قرب مراكش المشهورة بتخصصها في العَشرَينِ [القراءات العشر الصغرى (النافعية) والكبرى (التي هي العشر الصغرى باصطلاح المشارقة)] ، ومكث فيها يأخذ عن علمائها وشيوخها طيلة أربع سنوات ، ما بين 1970 و 1974 م ، فأخذ العشر النافعية والعشر من الشاطبية والدرة على مدير المدرسة العلامة علال العشراوي القاسمي العبدي ، وتكونت لديه ملكةٌ قويةٌ في الحفظ مكنته من نيل جائزة الحسن الثاني سنة 1971 م في حفظ القراءات السبع ، وفي سنة 1972 م استَظْهَر موطأَ الإمام مالك ، ونال به جائزة الحسن الثاني مرة أخرى ؛ فتقرر ترشيحُه ومنحُه متابعةَ وإكمالَ دراستِه بالعاصمة الرباط .
انتقل إلى مدينة الرباط والتحق بدارِ القرءانِ التابعة لرابطة المجودين بالمغرب ، وبمعهد التكوين الديني بمسجد السنة ، وانتسب لدار الحديث الحسنية ، وكان بين الفينة والأخرى يتردّد على مدرسة سيدي الزوين لإتمام القراءات العشر الكبرى والصغرى منكبًا بشغف على الدراسة والتحصيل ليلَ نهارَ بجد واجتهاد دون كلل ولا ملل ، فتلقى العلومَ على عدد من الشيوخِ الذين كان لهم الأثرُ الطيبُ والحسنُ في تكوينِ شخصيتِه وتهذيبِ سلوكِه ، ثم تخرج بعد 5 سنوات ضمن أول فوج ممن درسوا بدار القرءان ومعهد التكوين المذكورين .
ثم عُيِّن الشيخُ مدرسًا وخطيبًا بمعهدِ التعليمِ التابع للمكتب الشريف للفوسفاط بمدينة اليوسيفية .
ثم قرر أن يترك اليوسفية مُؤْثِراً التفرغ للدعوة وتحفيظ القران الكريم وتدريسَ علومِه على الوظيفة ، فأسس (مدرسة التوحيد القرءانية) بتعاون مع بعض المشايخ وأهل الفضل بمدينة بسلا سنة 1400 هـ (1980 م) ، وكرَّس جهدَه لهذه المدرسة الفتية التي اتخذ منها مقراً لإلقاء عددٍ من الدروس العلمية ، بالإضافة إلى تحفيظ القرءان الكريم وتدريس القراءات ، وتزامنَ هذا مع تعيينِ الشيخِ رسميًا للخطابة والوعظ بأحد المساجد بعين العودة بنواحي مدينة الرباط .
اعتنى بإحياء علوم القراءات والرسم والضبط بتدريسها ونشرها من خلال تأسيسه لمقرأة خاصة بالقراءات السبع والعشر ، حيث فاق عددُ الختمات على يديه أكثرَ من ستين ختمةً بمختلف الروايات والقراءات ، كما حافظ مع ثلة مباركة من علماء المغرب على قراءة الإمام نافع من طرقه العشرة ، تدريساً وإقراءً وتحقيقاً ، والتي ضمنها الإمامُ الداني في كتابه (التعريف) ، وكان قد قرأها على شيخه الفقيه علال العشراوي ، وهو عن شيخه إبراهيم الماسي بأسانيده المتصلة .
كما درَّس الكثيرَ من متون هذه العلومِ كالدرر اللوامع ، وتفصيل عقد الدرر (في طرق نافع العشرة) ، والشاطبية ، ومورد الظمآن (في الرسم والضبط) ، وغيرها .
وهو الآن شيخُ (مدرسة ابن القاضي للقراءات) التابعة لجمعية الإمام أبي شعيب الدكالي لتحفيظِ القرآن الكريم وتدريسِ علومِه بمدينة سلا ، ويشرفُ عليها مع نخبة من الأساتذة ، ويأتيه الطلاب ويرحلون إليه ؛ لينهلوا من علمه ، ويتحملوا عنه من داخل المغرب وخارجها .
من مؤلفاته وأعماله ومناشطه العلمية :
• رَمْزِيَّة في القراءات السبع .
• شرح على مورد الظمآن .
• شرح على متن الدرر اللوامع في أصل مقرإ الإمام نافع .
• شرح ماتع على متن الشاطبية .
• وله تحقيق كتاب التعريف في اختلاف الرواة عن نافع للحافظ أبي عمرو الداني ، ولمتن تفصيل عقد الدرر لابن غازي .
ولا تزال مدارسُ الشيخ القرآنية - بفضل الله ثم بجهوده - تصدحُ بالقرآن في أرجاء مدينة سلا ، وتخرج منها جم غفير من القراء والأئمة والدعاة ممن تتلمذ على يديه .
حفظ الله الشيخ ومتع به ، وزاده حرصا وغيرة على كتابه ، ونفعنا بعلومه .. آمين .
ترجمة فضيلة الشيخ الدكتور / مصطفى بن أحمد البِحْياوي (المغرب)

هو فضيلةُ الشيخِ المقرئِ د. مصطفى بن أحمد بن عبد الرحمن البحياوي الإدريسيّ الحسنيّ المُرَّاكُشِيّ مولداً ونشأةً وتعلُّماً وتعليماً – الطنجيّ داراً واستقراراً – حفظه الله ورعاه - ، المُتَفَنِّن المتبحر في العلوم ، المُرَبِّي المُؤَدِّب ، شيخُ معهدِ الإمام الشاطبي للقرآن الكريم وعلومه ، وخطيبُ مسجده .
وُلِد في أحد الأحياء القديمة جنوب مراكش سنة 1950 م ، الموافقة لسنة 1369 هـ تقريبًا .
حفِظ القرآنَ الكريمَ في صغرِه على يد والده بروايتي قالون وورش عن نافع ، وبدأ معه حِفظَ الشاطبيةِ ، وأخذ عنه مبادئَ العلوم من عربية وفقه وتفسير وأداء ، وجوَّد القرآن أيضا على أحد أقران والده ، وهو سعيد الجرموني (تلميذ الشيخ إبراهيم الماسي) .
نشَأَ في بيت علمٍ وبيئة تَحتفِي بالعلماء ، إذ كان بيتُ والدِه بمثابة منتدى يتردّدُ عليه ثلةٌ من العلماءِ والقراءِ وطلابِ العلم ، فتهيَّأَ للشيخ بتوفيق الله مجالسةُ كبارِ علماء مراكش والأخذُ عنهم ومناقشتُهم والاستفادةُ من مناظراتهم العلمية والأدبية وحضور دروسهم الخاصة والعامة .
دَرَسَ العلوم على جماعة من العلماء، فقرأ الفقهَ المالكي ، ومبادئَ علم التجويد بمضمن الجزرية ونظم ابنِ بري في مقرأ الإمام نافع ، والمنطق والعقيدة ، والحديث والسيرة ، والنحو والعربية وعلومها ، وكما درس التفسير وعلومه ومناهجه ، وغيرها من العلوم .
وكان والدُه إماماً وخطيباً وصاحبَ مقرأة قرآنية (كُتَّاب) ، فلما تُوفِّيَ والدُه – رحمه الله - ، وكان الشيخُ يومئذ في مرحلة (الباكلوريا) في دراسته وعمره 17 سنة ، خلَفه في الكُتَّاب والمحراب ، فتولى الإمامةَ والخطابةَ ، وجلس مجلسَه للإقراء بمراكش ، وفي الوقت نفسه كان يُدرِّس في المدرسة القرآنية في مراكش .
وقرأ السبعَ بمدينة سلا على الطريقة المغربية في الجمع واستعمال الرمزية ، ودرس نظمَيّ ابنِ الصفَّار وابن غازي في العشر النافعية .
ثم يسّر الله له الرحلةَ بعد ذلك إلى الحرمَينِ الشريفين ومصر وقرأ القراءاتِ ومتونها ، والتقى بجماعةٍ من كبار أهلِ هذا الفن ، وصار ماهراً به متمكنًا من علومه .
بعدما اجتازَ الباكلوريا التحق بمدرسةِ المُعَلِّمين ، فلما تخرَّج منها تمَّ تعيينُه مُعلماً في منطقة على جبال الأطلس ، وكان حالَ فراغِه ينزل إلى البلدة المجاورة يدرس الطلبةَ فتخرَّج على يده أول الأفواج من الحفظة وطلاب العلم في المنطقة .
بعد ذلك عاد إلى مراكش مُلتحقاً بالمركز الجهوي للدراسات اللغوية والأدبية ، وبالموازاة التحق بكلية الفلسفة في الرباط ، فكان كعادته يجمع بين التدريس في دار القرآن والاقراء في مقرأة والده والوظيفة والدراسة .
بعد تخرجِه من المركز المذكور عُيِّن أستاذاً للغة العربية في مدينة واد زم ومدينة خِريبكة ، ولما حصل على الإجازة في الأدب ثم الفلسفة بجامعة محمد الخامس عُيِّن أستاذاً للفكر الإسلامي والتربية الإسلامية في ثانوية يوسف بن تاشفين ، والتي درَّس فيها حوالي 7 سنوات ، وكان خلالها يحاضر أيضا في جامعة مراكش في العقيدة وغيرها .
ومع بدايةِ الثمانينات الميلادية التحَقَ بالمعهد الوطني بالرباط ، وساهم في فتح مدرسة قرآنية تخرَّجَ منها العديدُ من طلاب العلم ، وكان له مجالسُ عامرة للتدريس في منطقة باب الحد .
وأثناءَ هذهِ المدة كتب الشيخُ أكثرَ من بحث أحدها في "القياس" ، كما حصل على درجة الماجستير في الدراسات القرآنية من خلال بحثَينِ في القراءات ، الأول تحت عنوان "المسك الاذفر فيما خالف فيه نافع أبا جعفر'' ، والثاني '' مناهج دراسة النص القرآني" ، ثم تقدم ببحث دكتوراه في تحقيق الجميلة (جميلة أرباب المراصد شرح عقيلة أتراب القصائد للجعبري) .
ثم بعد تخرجه من المعهد الوطني تم تعيينُه مفتشاً عاماً بالتعليم على جهة الشمال ، ومشرفاً على التعليم الأصيل واللغة العربية في كل من طنجة وشفشاون وتطوان لمدة ثلاث سنوات إلى أن استقر به المقام في طنجة ومازال مقيما بها إلى اليوم ، ويزور مراكش في كل عام ليتابع ويشرف بنفسه على مقرأته القرآنية بها .
أسس بطنجة معهدَ الإمام الشاطبي للقرآن الكريم وعلومه وتولى إدارته ، فتخرَّج منه ومازال بفضل الله يُخرِّج أفواجا من الحفظة والأئمة وطلاب العلم في كل عام .
كما درَّس في معهد الموحدين ، وأشرفَ على العديد من دور القرآن ، وكانت له مجالسُ عامة في التفسير والحديث والسيرة ، ومجالس خاصة مع الطلبة في القراءات وعلوم القرآن والأصول واللغة .
من مشايخه :
• أحمد بن المقدم غازي .
• عبد الفتاح بن عبد الغني القاضي .
• إبراهيم بن شحاثة السمنودي .
• عبد الحكيم بن عبد اللطيف بن عبد الله بن سليمان .
• سعيد العبد الله الحموي .
من مؤلفاته وأعماله ومناشطه العلمية :
• الدليلُ الأوفق إلى رواية ورش عن نافع من طريق الأزرق (بالمشاركة)
• البدرُ المنير في قراءة ابن كثير .
• الغررُ في إكمال الدرر .
• تحفةُ القارئ والسامع شرح نظم البارع .
• نفائسُ البليلة على ذيل الجميلة .
• إنجازُ الموعد على ذيل المورد .
• يلقي خطبة الجمعة في مسجد الإمام الشاطبي التابع للمعهد .
• يُشرفُ على كرسي التفسير في الكراسي العلمية للقناة السادسة بالتلفزة المغربية .
• اخْتِير عضواً في اللجنة العلمية لمراجعة المصحف الذي يصدر عن مؤسسة محمد السادس للمصحف الشريف .
• شارك في تحكيم كثير من المسابقات القرآنية المحلية والدولية .
• قدَّم عدداً من الدورات العلمية في منتدى الشارقة الإسلامي ، ألقى خلالها دروسًا في التفسير والحديث وعلوم القرآن والسيرة
النبوية والشمائل والعقيدة والتاريخ والسلوك والأصول والمقاصد .
فتح الله على الشيخ في فنون عديدة ، ويتمتع بخصال وشيم طيبة حميدة ، وقد شهد بفضله وعلمه الكثيرُ من أهل العلم ، وتخرج على يديه ثلةُ من القراء والمشايخ والدعاة وطلبة العلم والفضلاء من المغرب وخارجه .
حفظ الله الشيخ وأمدَّ في عمره على طاعته وبارك في جهوده ونفع بعلومه آمين .
ترجمةُ فضيلةِ الشيخِ المُقرئِ / مُنِيرِ بنِ محمد المُظَفَّر (تونس)

هو فضيلةُ الشيخِ المقرئِ منيرِ بنِ محمَّدِ بنِ أحمدَ المُظَفَّرِ الصَّفَاقُسِيُّ – حفظه الله ورعاه - ، العابدُ الزاهدُ الورعُ ، صاحبُ الصوتِ الخاشعِ العذبِ بالقرآن ، الصابر المحتسب ، شيخُ صفاقس ، وعضوُ اللجنة العلمية بالهيئة الوطنية للإقراء بتونس .
وُلِد بمدينة صفاقس بالجنوب التونسي عام 1950 م الموافق : 1369 هـ تقريًبا .
نشأَ في بلدتِه وتعلّمَ وقرأ على شيوخِها كالشيخ محمد الطاهر الجَرَّايَة الصفاقسي (من قراء جامع الزينونة وتلميذ عبد الواحد المرغني) ، ثم رحل أولاً إلى بلادِ الشام ، وقرأَ القرآنَ على الشيخ عبد العزيز عيون السود .
ثم الْتَحَقَ بالجامعةِ الإسلاميةِ بالمدينةِ المنورةِ وأدركَ الكبار والرعيلَ الأولَ من العلماء الذين درَّسوا في كليةِ القرآنِ الكريم ، وتخرجَ منها ، وقد قرأَ القراءاتِ العشر ودرس علومها على الشيخ عبد الفتاح القاضي .
مكث مدةً ليست بالقصيرة في مدينة وهران بالجزائر ، ثم دخل المغرب ، واستقرَّ بفاس وتزوج بها ، ثم عاد إلى موطنِه الأصلي تونس ، ولكنه ابتُلي وأوذي ، فصبرَ واحتسبَ ، إلى أن فكّ الله أسرَهُ وفرّج همَّه .
فزارَ الحرمين الشريفين حاجًا ومعتمرًا ، ثم مشاركًا في برنامجِ الإقراءِ والإجازة بالحرمين ، كما كُرِّم في ملتقى كبارِ قراءِ العالم الإسلامي بالرياض سنة 1435 هـ .
كما استُضيف مرات في السنوات الأخيرة بدولةِ الكويت للإقراء والتعليم والإفادة .
وقد باركَ اللهُ في علمه وإقرائه ودعوته ، حتى أنك ما تراهُ حلّ في أرض ولا مصر إلا وترى أثره الذي تركه فيها من دعوةِ وعلمِ وتلاميذِ ومعلمين .
كان له الفضل - بعد الله - في انتشار رواية ورش من طريق الأصبهاني في الجزائر والمغرب العربي بشهادة قرائه ، وكان يصلى بالناس التراويح كثيرًا في مساجدِ الجزائر بهذه الرواية وغيرها .
عُرِف بجمالِ الصوتِ وخشوعِ التلاوةِ وسهولةِ الأداءِ وعذوبةِ النغمة ، والحرصِ على توفية الحروف حقوقَها ومستحقاتها .
من مؤلفاته وأعماله ومناشطه العلمية :
لم يعرف بالتأليف ، ولكنه ترك ختمات مسجلة بروايات وقراءات مختلفة ، جلّها من طريق الطيبة ، منها : ورش ، وقالون وغيرها .
ولا يزال الشيخُ يُقْرِئُ ويعلم في مجلس إقرائه بمدينته صفاقس ، ويَرِدُ عليه طلابُ علمِ القراءات من شتّى البلاد ينهلون من علمه ، ويتأسون بهديه ودله وسمته وتواضعه رفع الله قدره ، وأعلى ذكره ، وحفظه فيما بقي ، ونفع به القراءَ والمقرئين وسائرَ المسلمين.
ترجمة فضيلةِ الشيخ ِالدكتورِ / أحمدَ بنِ عيسى المَعْصَراوي (مصر)

هو فضيلةُ الشيخِ المقرئِ أ.د. أحمدَ بن عيسى بن حسن المَعْصَراوي – حفظه الله - ، شيخُ عمومِ المقارئِ المصرية ورئيسُ لجنةِ مراجعةِ المصاحفِ بمجمعِ البحوث الإسلامية السابق ، وأستاذُ الحديثِ وعلومِه بجامعةِ الأزهر ، والذي شَهِدَتِ الحقبةُ الذي تولّى مشيخةَ المقارئِ فيها نقلةً نوعيةً في انتشار وازدهار دُورِ ومراكز تعليم القرآن وخدمته على مستوى جمهورية مصر العربية، وكان لنشاطه وأعماله أثرٌ بارزٌ في شيوع تلقي القراءات وعلومها بين طلاب العلم عامة في أرجاء البلاد .
وُلِد بقريةِ دنديط - مركز ميت غمر - بمحافظة الدقهلية بمصر في : 15/06/1372 هـ ، الموافق لـ : 01/03/1953 م .
نشأَ بقريته المذكورة وحفِظ القرآن وهو ابن 10 سنين تقريبًا على الشيخ عبد الحميد حجاج ، ثم قرأ ختمةً للإجازة بحفص ، ثم غيرها لورش عن نافع ، كلاهما على الشيخ محمد إسماعيل عبده ، ثم رحل مع والده إلى القاهرة حيث مقر عمله .
التَحَقَ بمعهدِ قراءاتِ شبرا الخَازِنْدَارَة ، فتلقّى على السادةِ العلماء مشايخِ المعهدِ القراءاتِ وعلومِها خلالَ مراحلِ الدراسةِ الثلاثة به وغيرهم ، منهم : قاسم الدِّجوي ، وأحمد علي مرعي ، وأحمد مصطفى أبو حسن ، وأحمد الأشموني ، ومحمد العتر ، ومحمد يونس عبدالحق ، وعامر عثمان ، وعبدالفتاح القاضي ، ثم تخرج منه عام 1396 هـ ، وكان يثني عليه أحدُ شيوخه (سعد حماد) بالمعهد لدقةِ أسئلته ويقول عنه : المعصراوي يعصِرُ عقلَه في القراءات .
ثم التَحَق بكليةِ الدراساتِ الإسلامية بجامعة الأزهرِ الشريفِ ، وحصل على الإجازة العالية في الدراسات الإسلامية والعربية ، وذلك سنة 1400 هـ .
سَافَرَ بعدها إلى المملكة العربية السعودية للعمل بكلية المعلمين بالرياض ، وأقام بها نحوًا من أربع سنوات.
عاد إلى مصرَ وكان ملتحقًا بالدراسات العُلْيا ، وحصل على شهادة التخصص (الماجستير) في الحديث وعلومه عام 1409 هـ بتقدير ممتاز .
ثم حصل على العالِمية (الدكتوراه) في الحديث وعلومه أيضا سنة 1412 هـ بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى .
أثناء هذه المدة التي أنجز فيها دراساتِه العليا يسّر اللهُ له قراءةَ القراءات مرة أخرى بعد أن تلقاها بالمعهد ، فقرأ القراءات العشر الصغرى ثم الكبرى على الشيخ عبد الحكيم عبد اللطيف ، كما أجاز له جماعةٌ من الأعلام كالشيخ محمد عبد الحميد السكندري والشيخ بكري الطرابيشي الدمشقي .
عُيِّن الشيخُ أولا مُقيمًا للشعائر بوزارة الأوقاف المصرية سنة 1395 هـ ، ثم بدأ تعليمَ العلم رسميًا كمدرس بالمعاهد الأزهرية ، ثم بمعهد القراءات بشبرا الذي تخرج منه ، ثم عُيِّن شيخًا لمقرأة جامع الحُسَين .
انتقل سنة 1414 هـ إلى جامعةِ الأزهر قسمَ الدراسات الإسلامية بكلية التربية بالقاهرة مدرسًا للحديث وعلومه ، ثم أستاذاً مساعداً ، ثم أستاذاً بالقسم نفسه .
وكان قد عُيِّن عضواً بلجنة مراجعة المصحف منذ سنة 1408 هـ ، ثم نائباً لرئيس اللجنة ، إلى أن صار رئيسًا للجنة عام 1423 هـ إلى سنة 1435 هـ ، كما اختِير عضوا للجنة الاختبار بالإذاعة والتليفزيون .
تولى مشيخةَ عمومِ المقارئ المصرية خلفًا للشيخ رزق خليل حَبَّة من العام 1424 هـ إلى سنة 1435 هـ.
أَنشأ عددًا كبيرًا من مراكز الدراساتِ القرآنيةِ والقراءات حملت اسمَهُ في أنحاء مصرَ،بلغ عددُها (75) مركزا ، وانتفع بها خلقٌ كثيٌر .ولها فروع اليوم خارجَ مصر ، بتركيا وأمريكا .
شارك في تحكيمِ الكثيرِ من المسابقات القرآنية المحلية والعالمية في عدد من الدول المختلفة .
كما شارك في الكثير من المؤتمرات و اللقاءات الدولية للوعظ والإمامة وصلاة التراويح في كثير من أقطار الدنيا .
ناقش كثيرا من الرسائل العلمية لطلاب الدراسات العليا في عدد من الجامعات .
من مؤلفاته وأعماله ومناشطه العلمية :
• الكاملُ المفصل في القراءات الأربعة عشر .
• الشاملُ في القراءات العشر الكوامل .
• وغيرها كثير من المؤلفات والتحقيقات ، قاربت الأربعين .
• وله مشاركاتُ وتسجيلات في الكثير من القنوات الفضائية القرآنية .
• كما أقرأ وأجاز جماعات من طلاب العلم .
استقر بالشيخ المقام مؤخرًا بدولِ الخليج ، ناشرًا لعلوم القرآن والقراءات ، حفظه الله ونفع بجهوده أينما حل وارتحل.
ترجمةُ فضيلةِ الشيخِ الدكتور / أيمن بن رُشْدي سُوَيْد (سوريا)

هو فضيلةُ الشيخِ المقرئِ د. أيمنَ بنِ رشدي بنِ محمد أمين سُوَيْد – حفظه الله - ، رئيسُ المجلسِ العلميّ للهيئةِ العالميةِ لتحفيظِ القرآن ، الجامعُ للرواية والدراية ، المعروفُ بالضبط والحذقِ والتحقيقِ ، الذي جعله الله سببًا في نشر علمِ التجويدِ في أرجاءِ المعمورةِ عبرَ برنامجه الرائد ((كيف نقرأ القرآن)) .
وُلِد بدمشق الشام في : 10/11/1374 هـ ، الموافق لـ : 29/06/1955 م .
دَرَسَ في مدارس دمشق حتى نال شهادة الثانوية العامة عام 1974 هـ ، وكان من المتفوقين ، ثم التحق بكلية الهندسة بجامعة دمشق ، وظل فيها 3 سنوات ثم تركها بعد أن استخار اللهَ ثم استشار شيوخَه ؛ ليتفرغَ لتلقي القراءات العشر الكبرى .
وكان قد بدأ حفظ القرآن على أساتذة جامع زيد بن ثابت وهو ابن 12 سنة ، وتُوفِّي والدُه وهو ابن 14 ، فختمه وهو ابن 15 عاما تقريبا ، وكانت وفاةُ أبيه من الدوافع والحوافز التي دفعتُه لختم القرآن برّاً به ؛ لِما ورد من الفضل الذي يناله والدُ صاحب القرآن .
كما انتسب في تلك المدة إلى معهد القرقان للعلوم الشرعية بدمشق وتخرَّج منه سنة 1396 هـ .
وكان في هذه الأثناء إلى ما بعدها بقليل قد قرأ القرآن على الشيخ محمد طه سكر وأبي الحسن الكُرْدِي ، وجمع على الأخير القراءات العشر الصغرى أيضاً ، والكبرى على شيخ قراء حمص عبد العزيز عيون السود .
ثم رحل إلى مصر ليُكْمَلَ تعليمَه العالي بتوجيه من شيوخه ، فالتحق بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر الشريف بالقاهرة ، ثم التحق بمعهد القراءات ، وقد تخرج من الكلية ، وكذا حصل على إجازة التجويد من المعهد في السنة نفسها سنة 1402 هـ .
ومع دراستِه النظامية بمصر قرأ القراءات العشر الكبرى وأجيز بها عن بعض كبار شيوخ الإقراء بها يومئذ وهم المشايخ أحمد عبد العزيز الزيات وإبراهيم شحاتة السمنودي وعامر السيد عثمان ، كما أخذ الأربعَ الشواذ على شيخه السَمنُّودِي أيضاً .
وكان قد ارتحل إلى الديار ِالمقدسة آخر عام 1400 هـ ، فاستقر مقامُه بمدينة جُدة التي جلس فيها للتدريس والتحقيق والإقراء والإفادة منذ ذلك الحين وإلى اليوم بفضل الله .
بدأ دراساتِه العُلْيا في القراءات وعلومها بجامعة أم القرى بمكة ، ونال درجة الماجستير سنة 1411 هـ ، ثم حصلَ على درجة الدكتوراة من الجامعة نفسها عام 1419 هـ ، كما حصل على درجة مثلها من كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر سنة 1420 هـ .
اخْتِيرَ ليكونَ عضوًا في المجلس التأسيسي للهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم التابعة لرابطة العالم الإسلامي بجدة ، وعُيِّن رئيساً للمجلس العلمي للهيئة المذكورة .
كما يقومُ الشيخُ بالإشراف العلمي على معهد القرآن الكريم التابع للمعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية بفرنسا ، وكذا يشرف على رسائل علمية بالجامعة الأمريكية المفتوحة .
ألقى العديدَ من المحاضرات والدوراتِ العلمية في كثير من الأقطار والأمصار ، كما شارك في تحكيم عددٍ من مسابقات القرآن الكريم المحلية والدولية داخل المملكة العربية السعودية وخارجها .
من مؤلفاته وأعماله ومناشطه العلمية :
• كتابُ التجويد المصوَّر .
• شرح ُمنظومة تلخيص صريح النص .
• كما حقق مجموعة من متون التجويد والقراءات وسجلها بصوته كالجزرية والشاطبية والدرة والطيبة وغيرها .
• وقدَّم برنامجه الفريد (كيف نقرأ القرآن) الذي وضع الله له القبول في الأرض ، وبرنامج (التلاوة الصحيحة) برواية ورش عن نافع ، وبرنامجه الحالي (الإتقان لتلاوة القرآن) الذي يشرح فيه منظومة المفيد في التجويد للطِّيبِي ، وغيرها من البرامج والحلقات النافعة على القنوات الفضائية القرآنية .
ولا يزال الشيخ - وفقه الله - يُقرئ ويُحقق ويُعلِّم ويُرشد وينصح لكتاب الله ويذب عنه ، ويختلف إليه طلابُ هذا العلم الشريف من جميع أنحاء العالم لينهلوا من علمه أمد في عمره وبلغه مناه ورضي عنه وأرضاه .
ترجمةُ فضيلةِ الشيخِ الدكتور / عبد الستار بن فاضل النُّعَيْمي (العراق)

هو فضيلةُ الشيخِ المقرئِ د. عبدِ الستارِ بنِ فاضلِ بنِ خضرٍ النُّعَيْمي – حفظه الله ورعاه - ، أحدُ أبرزِ قراءِ الموصل ، ذو الصوتِ الحسنِ والأداء المتميز ، المُعبِّر عن نتاجِ المدارس الموصلية والبغدادية والمصرية ، الجامعُ لقوانين تنغيمها في آن واحد مع إتقان تجويد الحروف ، والعناية بمَحالِّ الوقوف ، مع الوقار والخشوع والسكينة ، الأستاذُ بكلية الآداب (جامعة الموصل) ، ومعاونُ عميد الكلية للشؤون العلمية والدراسات العليا .
وُلِد بمدينة الموصل في : 24 من جمادى الأولى عام 1381 هـ الموافق : 1961 م .
نشأَ في أسرة مباركة في بيتِ علمٍ وصلاح ، وظهرت عليه أماراتُ النجابةِ والفطنةُ والذكاءُ منذ صغرِه ، فأنهى دراستَه الابتدائيةَ و المتوسطةَ والإعداديةَ في مدارس الموصل بتفوق ، وبناء على رغبته ورغبة عائلته ومشايخه التحق بكلية الشريعة في جامعة بغداد وتخرج فيها سنة (1404 هـ / 1983 م) ، وكان ترتيبُه الأول بين زملائه ، ثم حصل على شهادة الماجستير سنة (1408 هـ / 1987 م) ، وشهادة الدكتوراه في الشريعة والعلوم الإسلامية سنة (1417 هـ / 1996 م) بتقدير (امتياز) ، وكان موضع اعتزاز مشايخه في الكلية .
بدأ رحلتَه مع القرآن الكريم طفلًا صغيرًا يُصْغِي إلى والديه وهما يتلوان آياتِ الله آناء الليل وأطراف النهار فتأثّرَ بهما ، وتعلّم ما يُعْرف بالسواد من والده ، وأخذ بيده إلى المسجد ليتعلم علم التجويد على الرجل المبارك الحاج عبد الله الجرجيس - رحمه الله - ، فقرأ عليه (هداية المستفيد) ، وشيئًا من القرآن الكريم ، ثم انتقل إلى الشيخ الحافظ الملا ذنون بن حامد العلوش - رحمه الله - ، فقرأ عليه جُل القرآن الكريم ، وتلقى عنه مبادئَ العلوم ، وأحاطه بالرعاية ، وكان معجبًا بصوته وذكائه وقابليته لسرعة التلقي والحفظ ، وكان يتوسم فيه مستقبلا زاهرا في العلم والقراءة ، ولكن قضى الله بأن يُتَوفَّى الشيخُ قبل أن يختم عليه آخرَ جزءين من القرآن .
وفي سنة (1400 هـ / 1979 م) اتصل بشيخه المحققِ المدققِ فضيلةِ الشيخِ يونس بن إبراهيم الطائي - رحمه الله - ، فأحاطَهُ هو الآخرُ بالرعايةِ ، وأخذَهُ إلى مجلس شيخِهِ الشيخِ عبدِ الفتاح الجومرد - رحمه الله - ، فقرأ أمامه آياتٍ من القرآن الكريم فاستحسن أداءَه ، وأوصى الشيخ الجومرد تلميذَه يونس بأن يخصه بعنايته ، فكان يخُصُّه من بين زملائه بمزيد من الوقت والعناية والتدقيق ، ويقول له "أريدُ أن أجعلك رُكْناً في القراءة في هذه المدينة" ، فأتم عليه ختمةً كاملةً برواية حفص عن عاصم سنة (1407 هـ / 1986 م) ، فوجهه لإكمال القراءات السبع ، فقرأ عليه إلى أثناء سورة الفرقان {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْن ذَلِكَ قَوَامًا} ، ولم يكمل ؛ إذ اخترمتْ المنيةُ هذا التواصل بوفاة الشيخ يونس .
ترك فراقُ شيخِه أثراً بالغاً في نفسه ، ورآه في ما يرى النائمُ أكثرَ من مرة بما يشير إلى أن يكمِلَ ختمةَ الجمع الكبير على أقدمِ تلامذتِهِ الشيخ علي بن حامد الراوي الخطاط المعروف ، فذهب إليه ، ففتح له دارَه ، وتفرَّغ لتدريسه ساعات طويلة ، فأكمل عليه الجمع الكبير ، فتمت له الختمةُ في (1424 هـ / 2003 م) ، وأجازه بالقراءات السبع .
لم يقتصِرْ على علم ِالقراءات فحسب ، ولكن حصَّل علومَ الآلةِ وغيرها ، وبعد سنواتٍ من طلبِ العلم أجازه عامةً بالعلوم العقلية والنقلية اثنان من كبار العلماء ، وهم : العلامة محمد علي إلياس العدواني ، والعلامة مفتي الموصل الشيخ محمد ياسين ، كما أجازه شيخُه علي حامد الراوي بالحديث المسلسل بالأسودَينِ ، ودلائلِ الخيرات ، وعددٍ من الأذكار والأوراد .
تولَّى الخطابةَ في جوامع عدة في الموصل ، ، كما جلس لتدريسِ القرآنِ والعلومِ العقليةِ والنقليةِ في كثيرٍ من المساجدِ الجامعة ، وتلقى عنه كثيرٌ من طلبة العلم بها .
أما في سِلْكِه الأكاديمي فعُيِّن أولاً مدرسًا للعلوم الشرعية والعربية في جامعة الموصل سنة (1409 هـ / 1988 م) ، بعدد من الكليات ، وبكلية العلوم الإسلامية بجامعة بغداد ، كما أوفدتْهُ جامعةُ الموصل سنة (1420 هـ / 1999 م) إلى اليمن أستاذا زائرًا فدرَّس في كليتي الآداب والتربية بجامعة ذَمار أكثر من علمٍ من تجويد وتفسير وعقيدة وفقه وأصول وحديث ومنطق ونحو وبلاغة وغيرها ، وأشرفَ وناقشَ العشراتِ من رسائل الماجستير والدكتوراه ، واختِيرَ عضوًا في العديد من اللجان العلمية وفي الهيئة الاستشارية لمجلة (التربية والعلم) التي تصدرها كليةُ التربيةِ في جامعة الموصل ، ومجلة كلية الشريعة التي تصدرها كليةُ الشريعة في جامعة تكريت .
شارك في الكثير من المهرجانات والمسابقات القرآنية داخل العراق وخارجه ، منها المهرجان السنوي الدولي السادس لتلاوة القرآن الكريم وتفسيره في مكة المكرمة سنة (1404 هـ / 1983 م) ، والمهرجان السنوي الدولي لتلاوة القرآن وتفسيره في مدينة مدْراس في الهند سنة (1407 هـ / 1986 م) .
من مؤلفاته وأعماله ومناشطه العلمية :
• عونُ القدير في القراءات السبع من طريق الشاطبية والتيسير،وهو تسبيع كامل بخط يده في حاشية المصحف الشريف .
• القراءاتُ عند مكي بن أبي طالب القيسي .
• القراءاتُ في تفسير النسفي .
• تحقيقُ كتابِ بغيةِ المستفيد في علم التجويد لابن بلبان .
عُرف المترجَمُ له بمحافظته على منهج العلماء في العلم والتعليم عقيدةً وعملًا وسلوكاً وتدقيقاً في التدريس والإقراء ، ولا يزال مستمرًا في عطائه وأداء هذه الأمانة ، يدرِّس في جامعة الموصل ، وفي أحدِ الجوامع القريبة من داره القراءات وعلوم الآلة والغاية ويأتيه طلابُ العلم من كل حدب وصوب .
أجزل الله له المثوبة والعطاء ، وجزاه خيرا عن المقرئين والقراء .. آمين .